فصل: الآيات (‏175 - 177‏)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ - الآية ‏(‏172 - 174‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏سألت ربي فأعطاني أولاد المشركين خدما لأهل الجنة، وذلك أنهم لم يدركوا ما أدرك آباؤهم من الشرك، وهم في الميثاق الأول‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة‏:‏ أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به‏؟‏ فيقول‏:‏ نعم‏.‏ فيقول‏:‏ قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر أبيك آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلا أن تشرك بي‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن علي بن حسين‏.‏ أنه كان يعزل ويتأول هذه الآية ‏{‏وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم‏}‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم عن العزل‏؟‏ فقال ‏"‏لا عليكم أن لا تفعلوا، إن تكن مما أخذ الله منها الميثاق فكانت على صخرة نفخ فيها الروح‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وابن أبي حاتم عن أنس قال‏:‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال ‏"‏لو أن الماء الذي يكون منه الولد صب على صخرة لأخرج الله منها ما قدر، ليخلق الله نفسا هو خالقها‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود‏.‏ أنه سئل عن العزل‏؟‏ فقال‏:‏ لو أخذ الله ميثاق نسمة من صلب رجل ثم أفرغه على صفا لأخرجه من ذلك الصفا، فإن شئت فأعزل وإن شئت فلا تعزل‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي قال‏:‏ كانوا يقولون‏:‏ إن النطفة التي قضى الله فيها الولد لو وقعت على صخرة لأخرج الله منها الولد‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأبو الشيخ عن فاطمة بنت حسين قالت‏:‏ لما أخذ الله الميثاق من بني آدم جعله في الركن، فمن الوفاء بعهد الله استلام الحجر‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن جعفر بن محمد قال‏:‏ كنت مع أبي محمد بن علي فقال له رجل‏:‏ يا أبا جعفر ما بدء خلق هذا الركن‏؟‏ فقال‏:‏ إن الله لما خلق الخلق قال لبني آدم ‏{‏ألست بربكم‏؟‏ قالوا بلى‏}‏ فأقروا، وأجرى نهرا أحلى من العسل وألين من الزبد، ثم أمر القلم فاستمد من ذلك النهر، فكتب إقرارهم وما هو كائن إلى اليوم القيامة، ثم ألقم ذلك الكتاب هذا الحجر، فهذا الاستلام الذي ترى إنما هو بيعه على إقرارهم الذي كانوا أقروا به‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال‏:‏ ضرب الله متن آدم فخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء نقية، فقال‏:‏ هؤلاء أهل الجنة، وخرجت كل نفس مخلوقة للنار سوداء فقال‏:‏ هؤلاء أهل النار أمثال الخردل في صور الذر، فقال‏:‏ يا عباد الله أجيبوا الله‏:‏ يا عباد الله أطيعوا الله‏.‏ قالوا‏:‏ لبيك اللهم أطعناك، اللهم أطعناك، اللهم أطعناك‏.‏ وهي التي أعطى الله إبراهيم في المناسك‏:‏ لبيك اللهم لبيك‏.‏ فأخذ عليهم العهد بالإيمان به، والإقرار والمعرفة بالله وأمره‏.‏

وأخرج الجندي في فضائل مكة وأبو الحسن القطان في الطوالات والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ حججنا مع عمر بن الخطاب، فلما دخل الطواف استقبل الحجر فقال‏:‏ إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك، ثم قبله فقال له علي بن أبي طالب‏:‏ يا أمير المؤمنين إنه يضر وينفع قال‏:‏ بم‏.‏‏.‏‏.‏‏؟‏ قال‏:‏ بكتاب الله عز وجل قال‏:‏ وأين ذلك من كتاب الله‏؟‏ قال الله ‏{‏وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم‏}‏ إلى قوله ‏{‏بلى‏}‏ خلق الله آدم ومسح على ظهره فقررهم بأنه الرب وأنهم العبيد، وأخذ عهودهم ومواثيقهم وكتب ذلك في رق، وكان لهذا الحجر عينان ولسان، فقال له، افتح فاك‏.‏ ففتح فاه فألقمه ذلك الرق، فٌقال‏:‏ اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة، وإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق، يشهد لمن يستلمه بالتوحيد‏"‏ فهو يا أمير المؤمنين يضر وينفع‏.‏ فقال عمر‏:‏ أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا حسن‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإذ أخذ ربك‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ أخذهم في كفه كأنهم الخردل الأولين والآخرين، فقلبهم في يده مرتين أو ثلاثا، يرفع ويطأطئها ما شاء الله من ذلك، ثم ردههم في أصلاب آبائهم حتى أخرجهم قرنا بعد قرن، ثم قال بعد ذلك ‏{‏وما وجدنا لأكثرهم من عهد‏}‏ ‏(‏الأعراف الآية 102‏)‏ الآية‏.‏ ثم نزل بعد ذلك ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم، وميثاقه الذي واثقكم به‏}‏ ‏(‏المائدة الآية 7‏)‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن عمر قال‏:‏ لما خلق الله آدم نفضه نفض المزود فخر منه مثل النغف، فقبض منه قبضتين فقال لما في اليمين‏:‏ في الجنة، وقال لما في الأخرى‏:‏ في النار‏.‏

وأخرج ابن سعد وأحمد عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏إن الله تبارك وتعالى خلق آدم ثم أخذ الخلق من ظهره فقال‏:‏ هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي‏.‏ فقال رجل‏:‏ يا رسول الله فعلى ماذا نعمل‏؟‏ قال‏:‏ على مواقع القدر‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحممة، فقال للذي في يمينه‏:‏ إلى الجنة ولا أبالي، وقال للذي في كتفه اليسرى‏:‏ إلى النار ولا أبالي‏"‏‏.‏

وأخرج البزار والطبراني والآجري وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن الله جل ذكره يوم خلق آدم قبض من صلبه قبضتين، فوقع كل طيب في يمينه وكل خبيث بيده الأخرى، فقال‏:‏ هؤلاء أصحاب الجنة ولا أبالي وهؤلاء أصحاب النار ولا أبالي، ثم أعادهم في صلب آدم فهم ينسلون على ذلك إلى الآن‏"‏‏.‏

وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في القبضتين ‏"‏هذه في الجنة ولا أبالي‏"‏‏.‏

وأخرج البزار والطبراني عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في القبضتين ‏"‏هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه‏.‏ قال‏:‏ فتفرق الناس وهم لا يختلفون في القدر‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والآجري عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لما خلق الله آدم ضرب بيده على شق آدم الأيمن، فأخرج ذرأ كالذر فقال‏:‏ يا آدم هؤلاء ذريتك من أهل الجنة، ثم ضرب بيده على شق آدم الأيسر فأخرج ذرأ كالحمم، ثم قال‏:‏ هؤلاء ذريتك من أهل النار‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد عن أبي نضر‏.‏ فإن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له أبو عبد الله، دخل عليه أصحابه يعودونه وهو يبكي فقالوا له‏:‏ ما يبكيك‏؟‏ قال‏:‏ سمعت رسول الله يقول ‏"‏إن الله قبض بيمينه قبضة وأخرى باليد الأخرى، فقال‏:‏ هذه لهذه وهذه لهذه ولا أبالي، فلا أدري في أي القبضتين أنا‏؟‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن الله قبض قبضة فقال‏:‏ للجنة برحمتي، وقبض قبضة فقال‏:‏ إلى النار ولا أبالي‏"‏‏.‏وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك قال‏:‏ إن الله أخرج من ظهر آدم يوم خلقه ما يكون إلى يوم القيامة، فأخرجهم مثل الذر ثم قال ‏{‏ألست بربكم قالوا بلى‏}‏ قالت الملائكة‏:‏ شهدنا‏.‏ ثم قبض قبضة بيمينه فقال‏:‏ هؤلاء في الجنة‏.‏ ثم قبض قبضة أخرى فقال‏:‏ هؤلاء في النار ولا أبالي‏.‏

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله ‏{‏أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين‏}‏ قال‏:‏ عن الميثاق الذي أخذ عليهم ‏{‏أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل‏}‏ فلا يستطيع أحد من خلق الله من الذرية ‏{‏أن تقولوا إنما أشرك آباؤنا‏}‏ ونقضوا الميثاق ‏{‏وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا‏}‏ بذنوب آباؤنا وبما فعل المبطلون‏.‏ والله تعالى أعلم‏.‏

-  الآية ‏(‏175 - 177‏)‏‏.‏

- أخرج الفريابي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه عن عبد الله بن مسعود ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏}‏ قال‏:‏ هو رجل من بني إسرائيل يقال له بلعم بن أبر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال‏:‏ هو بلعم بن باعوراء‏.‏ وفي لفظ‏:‏ بلعام بن عامر الذي أوتي الإسم كان في بني إسرائيل‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هو رجل من مدينة الجبارين يقال له بلعم، تعلم اسم الله الأكبر، فلما نزل بهم موسى أتاه بنو عمه وقومه فقالوا‏:‏ إن موسى رجل جديد ومعه جنود كثيرة، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا، فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه‏.‏ قال‏:‏ إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه مضت دنياي وآخرتي، فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلخ مما كان فيه‏.‏ وفي قوله ‏{‏إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث‏}‏ قال‏:‏ إن حمل الحكمة لم يحملها وإن ترك لم يهتد لخير، كالكلب إن كان رابضا لهث وإن طرد لهث‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هو رجل أعطى ثلاث دعوات يستجاب له فيهن، وكانت له امرأة له منها ولد فقالت‏:‏ اجعل لي منها واحدة‏.‏ قال‏:‏ فلك واحدة، فما الذي ترتدين‏؟‏ ٌقالت‏:‏ ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل‏.‏ فدعا الله فجعلها أجمل امرأة في بني إسرائيل، فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه وأرادت شيئا آخر، فدعا الله أن يجعلها كلبة، فصارت كلبة، فذهبت دعوتان، فجاء بنوها فقالوا‏:‏ ليس بنا على هذا قرار، قد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها، فادع الله أن يردها إلى الحال التي كانت عليه، فدعا الله فعادت كما كانت، فذهبت الدعوات الثلاث وسميت البسوس‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ هو رجل يدعى بلعم من أهل اليمن، آتاه الله آياته فتركها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه عن عبد الله بن عمر ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏}‏ قال‏:‏ هو أمية بن أبي الصلت الثقفي‏.‏ وفي لفظ‏:‏ نزلت في صاحبكم أمية بن أبي الصلت‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال‏:‏ قدمت الفارعة أخت أمية بن أبي الصلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة، فقال لها ‏"‏هل تحفظين من شعر أخيك شيئا‏؟‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا فارعة إن مثل أخيك كمثل الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن ابن شهاب قال‏:‏ قال أمية بن أبي الصلت‏:‏

ألا رسول لنا منا يخبرنا * ما بعد غايتنا من رأس نجرانا

قال‏:‏ ثم خرج أمية إلى البحرين، وتنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام أمية بالبحرين ثماني سنين، ثم قدم فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة من أصحابه، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وقرأ عليه بسم الله الرحمن الرحيم ‏{‏يس والقرآن الحكيم‏}‏ ‏(‏يس الآيتان 1 - 2‏)‏ حتى فرغ منها وثب أمية يجر رجليه، فتبعته قريش تقول‏:‏ ما تقول يا أمية‏؟‏ قال‏:‏ أشهد أنه على الحق‏.‏ قالوا‏:‏ فهل تتبعه‏؟‏ قال‏:‏ حتى أنظر في أمره‏.‏ ثم خرج أمية إلى الشام وقدم بعد وقعة بدر يريد أن يسلم، فلما أخبر بقتلى بدر ترك الإسلام ورجع إلى الطائف‏.‏ فمات بها، قال‏:‏ ففيه أنزل الله ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن نافع بن عاصم بن عروة ابن مسعود قال‏:‏ إني لفي حلقة فيها عبد الله بن عمر، فقرأ رجل من القوم الآية التي في الأعراف ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏}‏ فقال‏:‏ أتدرون من هو‏؟‏ فقال بعضهم‏:‏ هو صيفي بن الراهب‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ هو بلعم رجل من بني إسرائيل‏.‏ فقال‏:‏ لا‏.‏ فقالوا‏:‏ من هو‏؟‏ قال‏:‏ أمية بن أبي الصلت‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن الشعبي في هذه الآية ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏}‏ قال‏:‏ قال ابن عباس‏:‏ هو رجل من بني إسرائيل يقال له بلعم بن باعورا، وكانت الأنصار تقول‏:‏ هو ابن الراهب الذي بنى له مسجد الشقاق، وكانت ثقيف تقول‏:‏ هو أمية بن أبي الصلت‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ هو صيفي بن الراهب‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال‏:‏ هو نبي في بني إسرائيل يعني بلعم، أوتي النبوة فرشاه قومه على أن يسكت، ففعل وتركهم على ما هم عليه‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ‏{‏فانسلخ منها‏}‏ قال‏:‏ نزع منه العلم‏.‏ وفي قوله ‏{‏ولو شئنا لرفعناه بها‏}‏ قال‏:‏ رفعه الله بعلمه‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار قال‏:‏ بعث نبي الله موسى بلعام بن باعورا إلى ملك مدين يدعوهم إلى الله، وكان مجاب الدعوة وكان من علماء بني إسرائيل، فكان موسى يقدمه في الشدائد فأقطعه وأرضاه فترك دين موسى وتبع دينه، فأنزل الله ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب في قوله ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا‏}‏ قال‏:‏ كان يعلم إسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏}‏ قال‏:‏ هذا مثل ضربه الله لمن عرض عليه الهدى فأبى أن يقبله وتركه ‏{‏ولو شئنا لرفعناه بها‏}‏ قال‏:‏ لو شئنا لرفعناه بإيتائه الهدى فلم يكن للشيطان عليه سبيل، ولكن الله يبتلي من يشاء من عباده ‏{‏ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه‏}‏ قال‏:‏ أبى أن يصحب الهدى ‏{‏فمثله كمثل الكلب‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هذا مثل الكافر ميت الفؤاد كما أميت فؤاد الكلب‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏}‏ قال‏:‏ أناس من اليهود والنصارى والحنفاء ممن أعطاهم الله من آياته وكتابه ‏{‏فانسلخ منها‏}‏ فجعله مثل الكلب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ‏{‏ولو شئنا لرفعناه بها‏}‏ قال‏:‏ لدفعناه عنه بها ‏{‏ولكنه أخلد إلى الأرض‏}‏ قال‏:‏ سكن ‏{‏إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث‏}‏ إن تطرده بدابتك ورجليك وهو مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل به‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏ولكنه أخلد إلى الأرض‏}‏ قال‏:‏ ركن نزع‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ‏{‏إن تحمل عليه‏}‏ قال‏:‏ إن تسع عليه‏.‏

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله ‏{‏إن تحمل عليه يلهث‏}‏ قال‏:‏ الكلب منقطع الفؤاد لا فؤاد له مثل الذي يترك الهدى لا فؤاد له، إنما فؤاده منقطع كان ضالا قبل وبعد‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن المعتمر قال‏:‏ سئل أبو المعتمر عن هذه الآية ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏}‏ فحدث عن سيار أنه كان رجلا يقال له بلعام، وكان قد أوتي النبوة، وكان مجاب الدعوة، ثم إن موسى أقبل في بني إسرئيل يريد الأرض التي فيها بلعام فرعب الناس منه رعبا شديدا، فأتوا بلعام فقالوا‏:‏ ادع الله على هذا الرجل قال‏:‏ حتى أؤامر ربي‏؟‏ فوامر في الدعاء عليهم، فقيل له‏:‏ لا تدع عليهم فإن فيهم عبادي وفيهم نبيهم، فقال لقومه‏:‏ قد وأمرت في الدعاء عليهم وإني قد نهيت‏.‏ قال‏:‏ فاهدوا إليه هدية فقبلها، ثم راجعوه فقالوا‏:‏ ادع الله عليهم‏.‏ فقال‏:‏ حتى أوامر، فوامر فلم يحار إليه شيء‏.‏ فقال‏:‏ قد وأمرت فلم يحار إلى شيء‏.‏ فقالوا‏:‏ لو كره ربك أن تدعو عليهم لنهاك كما نهاك الأولى، فأخذ يدعو عليهم، فإذا دعا جرى على لسانه الدعاء على قومه، فإذا أرسل أن يفتح على قومه جرى على لسانه أن يفتح على موسى وجيشه، فقالوا‏:‏ ما نراك إلا تدعو علينا‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ قال‏:‏ ما يجري على لساني إلا هكذا، ولو دعوت عليهم ما استجيب لي، ولكن سأدلكم على أمر عسى أن يكون فيه هلاكهم، إن الله يبغض الزنا وإن هم وقعوا بالزنا هلكوا فأخرجوا النساء فإنهم قوم مسافرون، فعسى أن يزنوا فيهلكوا، فأخرجوا النساء تستقبلهم فوقعوا بالزنا، فسلط الله عليهم الطاعون فمات منهم سبعون ألفا‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏}‏ قال‏:‏ كان اسمه بلعم، وكان يحسن إسما من أسماء الله، فغزاهم موسى في سبعين ألفا، فجاءه قومه فقالوا‏:‏ ادع الله عليهم - وكانوا إذا غزاهم أحد أتوه فدعا عليهم فهلكوا - وكان لا يدعو حتى ينام فينظر ما يؤمر به في منامه، فنام فقيل له‏:‏ ادع الله لهم ولا تدع عليهم، فاستيقظ فأبى أن يدعو عليهم فقال لهم‏:‏ زينوا لهم النساء فإنهم إذا رأوهن لم يصبروا حتى يصيبوا من الذنوب فتدالوا عليهم‏.‏

-  الآية ‏(‏178‏)‏‏.‏

- أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الخطبة ‏"‏الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‏"‏‏.‏

وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته ‏"‏نحمد الله ونثني عليه بما هو أهله، ثم يقول‏:‏ من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم يقول‏:‏ بعثت أنا والساعة كهاتين‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ إن الله خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور يومئذ شيء اهتدى، ومن أخطأه ضل، فلذلك أقول‏:‏ جف القلم على علم الله‏.‏

-  الآية ‏(‏179‏)‏‏.‏

- أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏ولقد ذرأنا‏}‏ قال‏:‏ خلقنا‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن ‏{‏ولقد ذرأنا لجهنم‏}‏ قال‏:‏ خلقنا لجهنم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن الله لما ذرأ لجهنم من ذرأ، كان ولد الزنا ممن ذرأ لجهنم‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي وابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وأبو يعلى وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي الدرداء قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏خلق الله الجن ثلاثة أصناف‏.‏ صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض، وصنف كالريح في الهواء، وصنف عليهم الحساب والعقاب‏.‏ وخلق الله الإنس ثلاثة أصناف‏.‏ صنف كالبهائم، قال الله ‏{‏لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل‏}‏ وجنس أجسادهم أجساد بني آدم، وأرواحهم أرواح الشياطين، وصنف في ضل الله يوم لا ظل إلا ظله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏ولقد ذرأنا لجهنم‏}‏ قال‏:‏ لقد خلقنا لجهنم ‏{‏لهم قلوب لا يفقهون بها‏}‏ قال‏:‏ لا يفقهون شيئا من أمر الآخرة ‏{‏ولهم أعين لا يبصرون بها‏}‏ الهدى ‏{‏ولهم آذان لا يسمعون بها‏}‏ الحق، ثم جعلهم كالأنعام، ثم جعلهم شرا من الأنعام فقال ‏{‏بل هم أضل‏}‏ ثم أخبر أنهم الغافلون‏.‏ والله أعلم‏.‏